مص الأمان جبل الطور بالوادي المقدس طوى.. حصن المؤمنين المنيع ضد يأجوج ومأجوج
بقلم/ حسين الطيب
مصر، أرض الأمن والأمان عبر التاريخ، لطالما كانت ملاذًا آمنًا للشعوب وموطنًا للاستقرار، فهي التي احتضنت الأنبياء ووفدت إليها الأمم في أوقات المحن والأزمات. من قصة النبي يوسف عليه السلام الذي جاء أهله إلى مصر ليجدوا الأمن والرعاية، إلى رحلة العائلة المقدسة التي لجأت إلى أرضها، كانت مصر دومًا الحضن الحامي والأرض الخصبة التي يلجأ إليها الباحثون عن الأمان. وفي النصوص الإسلامية، يتجدد هذا المفهوم، إذ تشير إلى أن مصر ستكون ملاذًا للمؤمنين في آخر الزمان، حيث يلتجئون إلى جبل الطور طلبًا للحماية من فتنة يأجوج ومأجوج. بفضل موقعها وتاريخها العريق، تظل مصر أرض السلام، محمية بفضل الله، حاملة لرسالة الطمأنينة التي أودعها فيها على مر العصور.
ففي قلب صحراء سيناء، حيث يرتفع شامخاً ذلك الجبل المقدس الذي اختصه الله بمكانة فريدة في تاريخ الرسالات السماوية. جبل الطور، ذلك الشاهد الصامت على أعظم اللحظات في تاريخ البشرية، حين تجلى الله لموسى عليه السلام وكلمه تكليماً. فليس هذا وحسب بل سيكون الحصن المنيع لنجاة المؤمنين من يأجوج ومأجوج فما هو سر هذا الجبل العظيم، وما هي مكانته في الإسلام، وما هو دوره في أحداث آخر الزمان؟
شموخ يحمل أسرار السماء
وإلى قلب جنوب سيناء حيث يقف جبل الطور شامخاً بارتفاع 2290 متراً فوق سطح البحر، كأنه يحاول أن يلامس السماء بقمته المهيبة. ولعل في هذا الارتفاع الشاهق إشارة إلى سمو مكانته وعلو شأنه، فهو ليس مجرد تضاريس جغرافية، بل هو موقع اختاره الله ليكون مسرحاً لواحدة من أعظم لحظات التواصل بين السماء والأرض.
جنّة على الأرض
تتجلى عظمة جبل الطور في الفضائل الفريدة التي منحها الله له: فقد جاء في حديث نبوي شريف، أن جبل الطور من جبال الجنة، وكأنه قطعة من الفردوس اختار الله أن يغرسها في أرضنا. هذا التكريم الإلهي يجعل من الطور بقعة استثنائية تستحق التأمل والتدبر.
أمان المؤمنين
في آخر الزمان، حين تضطرب الأرض بخروج يأجوج ومأجوج، سيكون جبل الطور ملاذاً آمناً للمؤمنين. وكأن الله اختار هذا الجبل ليكون حصناً حصيناً لعباده في أحلك الظروف وأصعبها.
الحصن المنيع على الدجال
من عجائب هذا الجبل أنه محرم على الدجال، فلا يستطيع الاقتراب منه. وفي هذا إشارة إلى قدسيته وطهارته، فهو محصن بحماية إلهية خاصة.
يتميز جبل الطور بأنه المكان الوحيد على وجه الأرض الذي تجلى الله فيه وكلم عليه نبياً من أنبيائه مباشرة. في تلك اللحظة التاريخية، حين وقف موسى عليه السلام على قمته، تحول الجبل إلى منصة للتواصل المباشر بين الخالق والمخلوق.
جبل الطور وأحداث آخر الزمان
سيشهد جبل الطور أحداثاً عظيمة في نهاية الزمان. فعندما يخرج يأجوج ومأجوج، سيلجأ إليه عيسى عليه السلام والمؤمنون معه. وهناك، من فوق قمته المباركة، سترتفع أدعيتهم إلى السماء طلباً للنجاة، ليستجيب الله لهم ويخلصهم من هذا البلاء العظيم.
ويقع جبل الطور واد طو في قلب صحراء سيناء، بين ثنايا التاريخ المقدس وطيات الوحي، ليكون شاهداً على واحدة من أعظم لحظات التواصل بين السماء والأرض. إنه وادي طوى المقدس، تلك البقعة الطاهرة التي شرفها الله باختيارها مكاناً لتكليم نبيه موسى عليه السلام.
ويُروى أن سبب تسمية الوادي بـ"طوى" يعود إلى أنه وادٍ طواه الله وقدسه، أي جعله مباركاً مقدساً. وقد ورد ذكر هذا الاسم صريحاً في القرآن الكريم في قوله تعالى: "إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى".
وفي هذا الوادي المقدس، تجلت قدرة الله في مشهد الشجرة التي ظهرت منها النار دون أن تحترق، وكانت تلك العلامة الأولى لموسى عليه السلام.
ويظل جبل الطور ووادي طوى شاهدان على لحظة فارقة في تاريخ الرسالات السماوية، يذكرنا دائماً بأن الله يختار من الأماكن ما يشاء ليجعل منها آيات وعبراً للمؤمنين.
إنه ليس مجرد معلم جغرافي أو موقع سياحي، بل هو آية من آيات الله في أرضه، تذكرنا دائماً بأن في كل شبر من هذا الكون قصة تروي عظمة الخالق وحكمته.
فكل حجر في هذا الوادي، وكل ذرة تراب فيه، تروي قصة ذلك اللقاء المهيب بين الخالق ونبيه موسى عليه السلام.
تعليقات
إرسال تعليق