شهر شعبان .. شهر الفضائل


 كتب حسين الطيب 

جاء في العديد من كتب اللغة العربية: أَنَّ شهر شَعْبَانَ سُمِّيَ بِهَذَا الاسْمِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَكُونُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مُمْتَنِعَة عَنِ الْحَرْبِ وَمُمْتَنِعَة عَنِ الْقِتَالِ -لِأَنَّهُ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحَرَامِ وَمِنَ الْأَشْهُرِ الْمُحَرَّمَةِ-، فَإِذَا انْقَضَى شَهْرُ رَجَبٍ تَشَعَّبَ الْعَرَبُ لِلْقِتَالِ، وَتَشَعَّبَ الْعَرَبُ لِيَأْخُذُوا أُمُورَهُمْ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ وُجُودُهُمْ مِنْ خِلَالِ مَا كَانَ يَجْرِي بَيْنَ الْقَبَائِلِ؛ فَشَعْبَانُ مِنْ الشُّعَبِ أَوْ مِنْ التَّشَعُّبِ.

ومن الأسماء التي أطلقت عليه قبل مجيء الإسلام بزمن طويل واستعملته العرب العاربة (عادل) ، ومن معاني العادل الشخص الذي يعدل بربه؛ ولربما سُمي كذلك لأنهم كانوا يعدلون به رجب في النسيء ومنه قول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبة الأشباح :«‌كذب العادلون بك إذ شبَّهوك بأصنامهم». ومن الأسماء الأخرى التي أطلقتها عليه العرب العاربة إسم (كُسع) ، والكسع هو شدة المَرّ، ويقال كَسَعه بكذا إذا جعله تابعاً ومذهباً به .

وَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ هَذَّبَ كَثِيرًا مِنْ أَخْلَاقِ الْعَرَبِ، وَهَذَّبَ كَثِيرًا مِنْ سُلُوكِيَّاتِهِمْ، وَحَافَظَ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ مُوَافِقِينَ لِلفِطْرَةِ، غَيْرَ مُغَيِّرِينَ، وَغَيْرَ مُبَدِّلِينَ، فَكَانُوا فِي بَقَايَا مِنْهُمْ- عَلَى شَيْءٍ مِنْ فِطْرَةِ اللهِ -بِالرُّغْمِ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ جَاهِلِيَّةٍ وكانت ثمود تسمي شعبان بـ (مَوهاء).

وَ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ -رَضِيَ اللهُ-تَعَالَى-عَنْهُم- يُسَمُّونَ شَهْرَ شَعْبَانَ (شَهْرَ الْقُرَّاءِ)، كَمَا وَرَدَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: (شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ الْقُرَّاءِ)، وَقَالَ غَيْرُهُ: (شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ الْقُرْآنِ)، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا اسْتِعْدَادًا، وَتَهْيِئَةً لِلنُّفُوسِ، وَاسْتِعْدَادًا لِلْجَوَارِحِ وَالْأَبْدَانِ؛ حَتَّى تَسْتَقْبِلَ هَذَا الشَّهْر، وَحَتَّى تَتَهَيَّأَ لَهُ؛ لِذَلِكَ مِنْ ضِمْنِ هَذَا التَّهَيُّؤِ، وَمِنْ ضِمْنِ هَذِهِ التَّهْيِئَةِ: مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: "إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا"؛ فَالسُّنَّةُ -وَلَوْ مِنْ بَابِ الْأَحْوَطِ) والمقصود هو التوقف عن صيام السنة إذا انتصف شهر شعبان وذلك كنوع من تهىئة النفس والبدن لاستقبال شهر رمضان المبارك.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جامعة 6 أكتوبر تنظم الملتقى الخامس عشر للتوظيف والتدريب بمقر الجامع

شكوى جماعية ضد فساد قطاع الناشئين في نادي الزمالك: "محسوبية واختيارات مشبوهة"

قوات الشرطة تتمكن من القضاء علي شاذلي حسن أخطر العناصر الإجرامية بأسوان